الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ رَهْنًا فَلَمَّا تَمَّ الْبَيْعُ لَمْ يَجِدْ مَا يَأْخُذُ مِنْهُ: قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ، إنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُمْضِيَ الْبَيْعَ بِلَا رَهْنٍ، وَإِنْ شِئْتَ أَخَذْتَ سِلْعَتَكَ وَنَقَضْتَ الْبَيْعَ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ. .في اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ: فَقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْعَبْدَيْنِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنِّي سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ في يَدَيْهِ عَبْدٌ لِرَجُلٍ فيقُولُ: أَرْهَنْتَنِيهِ، وَيَقُولُ سَيِّدُهُ: لَا بَلْ أَعَرْتُكَهُ أَوْ اسْتَوْدَعْتُكَهُ. قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْعَبْدِ. .(فيمَنْ رَهَنَ رَجُلًا نَمَطًا وَجُبَّةً فَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّ النَّمَطَ كَانَ وَدِيعَةً): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ ثَوْبَيْنِ، أَحَدُهُمَا نَمَطٌ وَالْآخَرُ جُبَّةً، فَقَالَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الثَّوْبَانِ: أَمَّا النَّمَطُ فَكَانَ وَدِيعَةً وَقَدْ ضَاعَ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَرَهْنٌ وَهِيَ عِنْدِي. وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبَيْنِ: بَلْ كَانَ النَّمَطُ رَهْنًا وَالْجُبَّةُ وَدِيعَةً، الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِثْلَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى، الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ في أَنَّ الثَّوْبَ الْبَاقِيَ لَيْسَ بِرَهْنٍ، وَلَا تَكُونُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ شَيْئًا هَهُنَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ مِنْ ضَيَاعِ الثَّوْبِ الذَّاهِبِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا كَانَ وَدِيعَةً عِنْدِي، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ. قَالَ سَحْنُونٌ: فَلَيْسَ يُصَدَّقُ صَاحِبُ الثَّوْبَيْنِ فيمَا ادَّعَى أَنَّ الثَّوْبَ الذَّاهِبَ، كَانَ رَهْنًا وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي كَانَ في يَدَيْهِ مِنْ غُرْمِهِ شَيْءٌ، وَلَيْسَ يُصَدَّقُ الَّذِي في يَدَيْهِ الثَّوْبُ أَنَّ الْبَاقِيَ هُوَ الرَّاهِنُ وَلَيْسَ هُوَ بِرَهْنٍ، وَلَكِنْ يَأْخُذُ صَاحِبُ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ، وَيَبْرَأُ هَذَا مِنْ ضَمَانِ الثَّوْبِ الَّذِي ذَهَبَ؛ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً، وَيَتْبَعُهُ بِدَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ. .فيمَنْ ارْتَهَنَ زَرْعًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا: قَالَ: نَعَمْ، مِثْلُ الزَّرْعِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا. قُلْت: فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ إلَى أَجَلٍ، فَارْتَهَنْتُ ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، أَوْ زَرْعًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، فَمَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ - وَاَلَّذِي في يَدَيَّ مِنْ الرَّهْنِ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ - أَيَكُونُ دَيْنِي قَدْ حَلَّ - في قَوْلِ مَالِكٍ - حِين مَاتَ الرَّاهِنُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَيُبَاعُ لِي هَذَا الرَّهْنُ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ إنْ كَانَ لِلرَّاهِنِ مَالٌ أَخَذْتَ حَقَّكَ وَرَدَدْتَ عَلَيْهِمْ شَيْأَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ انْتَظَرَتْ فَإِذَا حَلَّ بَيْعُهُ بِعْتَهُ وَأَخَذْتَ حَقَّكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الدُّيُونِ إذَا مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ: فَقَدْ حَلَّ الدَّيْنُ. وَقَالَ في الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ: لَا تُبَاعُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَفْلَسَ رَجُلٌ أَوْ مَاتَ - وَقَدْ ارْتَهَنَ مِنْهُ رَجُلٌ زَرْعًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ - حَاصَّ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ في مَالِ الْمُفْلِسِ أَوْ الْمَيِّتِ وَاسْتُؤْنِيَ بِالزَّرْعِ. فَإِذَا حَلَّ بَيْعُهُ بِيعَ وَنُظِرَ إلَى قَدْرِ الدَّيْنِ وَثَمَنِ الزَّرْعِ، فَإِنْ كَانَ كَفَافًا رَدَّ مَا أَخَذَ في الْمُحَاصَّةِ، فَكَانَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَكَانَ لَهُ ثَمَنُ الزَّرْعِ إذَا كَانَ كَفَافًا. وَإِنْ كَانَ فيهِ فَضْلٌ رَدَّ ذَلِكَ الْفَضْلَ مَعَ الَّذِي أَخَذَهُ في الْمُحَاصَّةِ إلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الزَّرْعِ أَقَلَّ مِنْ دَيْنِهِ رَدَّ مَا أَخَذَ في الْمُحَاصَّةِ، ثُمَّ نَظَرَ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ مَبْلَغِ ثَمَنِ الزَّرْعِ وَإِلَى دَيْنِ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُفْلِسِ، فَضَرَبَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ في جَمِيعِ مَالِ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُفْلِسِ مِنْ أَوَّلِهِ فيمَا صَارَ في يَدَيْهِ وَأَيْدِي الْغُرَمَاءِ، فَمَا كَانَ لَهُ في الْمُحَاصَّةِ أَخَذَهُ وَرَدَّ مَا بَقِيَ فَصَارَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فيمَا بَلَغَنِي. .(فيمَنْ ارْتَهَنَ عَبْدًا فَادَّعَى أَنَّهُ أَبَقَ أَوْ حَيَوَانًا فَادَّعَى أَنَّهَا ضَلَّتْ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ ارْتَهَنْت عَبْدًا فَادَّعَيْتُ أَنَّهُ أَبَقَ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُكَ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ ارْتَهَنْت حَيَوَانًا فَادَّعَيْتُ أَنَّهَا قَدْ ضَلَّتْ مِنِّي. قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُكَ وَدَيْنُكَ كَمَا هُوَ عَلَى الرَّاهِنِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الرُّهُونَ إذَا تَظَالَمَ أَهْلُ الذِّمَّةِ فيمَا بَيْنَهُمْ أَيُحْكَمُ بَيْنَهُمْ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا رَهَنَ أَوْ ارْتَهَنَ، أَيَجُوزُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزُ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ. قَالَ سَحْنُونٌ: إذَا ارْتَهَنَ في مَالٍ أَسْلَفَهُ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ، أَنْ يَصْنَعَ الْمَعْرُوفَ، فَإِنْ ارْتَهَنَ في مَالٍ أَسْلَفَهُ فَهُوَ جَائِزٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ وَجَدَ السَّيِّدُ مَعَ الْمُكَاتَبِ مَالًا قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الْكِتَابَةِ وَفيهِ وَفَاءٌ مِنْ الْكِتَابَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ رَهَنَنِي رَجُلٌ بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِي رَهْنًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا تَجُوزُ الْحَمَالَةُ لِلسَّيِّدِ بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ مَالِكٍ، فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ عِنْدِي لَا يَجُوزُ مِثْلُ الْحَمَالَةِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ التَّاجِرَ، أَيَجُوزُ مَا رَهَنَ وَمَا ارْتَهَنَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ سَحْنُونٌ: إلَّا في الْفَلْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَلِّفَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ وَلَدَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ خَافَ الْعَجْزَ جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أُمَّ وَلَدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَلَدَهُ وَإِنْ خَافَ الْعَجْزَ، فَأَرَاهُ إنْ خَافَ الْعَجْزَ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ أُمَّ وَلَدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ وَلَدَهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ في الْبَيْعِ. .فيمَنْ رَهَنَ جَارِيَةً فَأَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ كَاتَبَهَا: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَعْتَقَهَا وَلَهُ مَالٌ، أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ فَدَفَعَ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَعَتَقَتْ الْجَارِيَةُ. وَالتَّدْبِيرُ جَائِزٌ، وَتَكُونُ رَهْنًا بِحَالِهَا؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَرْهَنُ مُدَبَّرِهِ عِنْدَ مَالِكٍ إنْ أَحَبَّ. وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَهِيَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْعِتْقِ، إنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ وَمَضَتْ الْكِتَابَةُ. قَالَ سَحْنُونٌ: فَالتَّدْبِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْعِتْقِ سَوَاءٌ وَيُعَجَّلُ لَهُ حَقُّهُ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ. وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ في ثَمَنِ الْكِتَابَةِ إذَا بِيعَتْ وَفَاءً لِلدَّيْنِ، فَتَكُونُ الْكِتَابَةُ جَائِزَةً. .فيمَنْ وَطِئَ أَمَةً وَهِيَ في الرَّهْنِ بِإِذْنٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، - أُذِنَ لَهُ في الْوَطْءِ - أَوْ كَانَتْ مُخْلَاةً تَذْهَبُ في حَوَائِجِ الْمُرْتَهِنِ وَتَجِيءُ، فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلرَّاهِنِ وَلَا رَهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ فيهَا. وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهُ إيَّاهَا عَلَى وَجْهِ الِاغْتِصَابِ لَهَا وَالتَّسَوُّرِ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنٍ؛ فَكَانَ لَهُ مَالٌ، أُخِذَ مِنْهُ الْمَالُ فَدُفِعَ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَكَانَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ وَلَمْ يُبَعْ وَلَدُهَا، فَإِنْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ عَنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ اتَّبَعَ السَّيِّدَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُبَعْ الْوَلَدُ وَيَتْبَعُ الْوَلَدُ أَبَاهُ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنْ كَانَتْ تَذْهَبُ وَتَجِيءُ في حَوَائِجِ الْمُرْتَهِنِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُرْتَهِنُ في الْوَطْءِ، فَهُوَ كَالْمُتَسَوِّرِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا أَمْرٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْجَارِيَةَ وَهُوَ مُوسِرٌ، وَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَحِلَّ بَعْدُ، أَتَأْمُرُهُ أَنْ يُخْرِجَ رَهْنًا فيجْعَلَهُ مَكَانَهَا ثِقَةً مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، أَمْ تَأْمُرُ الرَّاهِنَ أَنْ يَقْضِيَ الْمُرْتَهِنَ حَقَّهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعَجِّلُ لَهُ حَقَّهُ وَتَعْتِقُ الْجَارِيَةُ. .فيمَنْ رَهَنَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَهُوَ في الرَّهْنِ: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ أَفَدْت مَالًا قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ؟ قَالَ: يُؤْخَذُ مِنْكَ الدَّيْنُ وَيَخْرُجُ الْعَبْدُ حُرًّا مَكَانَهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ، وَلَا مَالَ لَهُ، وَعَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ، فَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَ الْعَبْدِ فَقَالَ الْعَبْدُ: خُذُوا دَيْنَكُمْ مِنِّي وَلَا تَرُدُّونِي في الرِّقِّ، أَوْ قَالَ لَهُمْ أَجْنَبِيٌّ مَنْ النَّاسِ: خُذُوا دَيْنَكُمْ مِنِّي وَلَا تَرُدُّوا الْعَبْدَ في الرِّقِّ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: في الْعَبْدِ يَجْنِي الْجِنَايَةَ فيعْتِقُهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ مَا جَنَى، فيرِيدُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ أَنْ يَأْخُذُوا السَّيِّدَ بِالْجِنَايَةِ، وَيَأْخُذُوا مِنْهُ قِيمَةَ الْجِنَايَةِ، فيقُولُ السَّيِّدُ: مَا أَرَدْت ذَلِكَ، وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَمَا أَرَدْت أَنْ أَتَحَمَّلَ الْجِنَايَةَ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُرَدُّ عِتْقُ الْعَبْدِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فيدْفَعَهُ الْعَبْدُ في ذَلِكَ، أَوْ يَجِدَ أَحَدًا يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْهُ يُعَجِّلُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ حُرًّا وَلَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ في الرِّقِّ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ. .في الرَّجُلِ يَسْتَعِيرُ السِّلْعَةَ لِيَرْهَنَهَا: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَعَرْتهَا لِأَرْهَنَهَا، فَرَهَنْتُهَا فَضَاعَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَهِيَ مِمَّا يَغِيبُ عَلَيْهَا الْمُرْتَهِنُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ، في رَجُلٍ يَرْتَهِنُ مَتَاعًا لِغَيْرِهِ وَقَدْ أُعِيرَهُ لِيَرْهَنَهُ: إنَّ الرَّاهِنَ إنْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ في حَقِّهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَاتَّبَعَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ. وَقَالَ مَالِكٌ في ضَمَانِهَا: إنَّهَا إذَا هَلَكَتْ، أَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتْبَعَ الْمُسْتَعِيرَ بِقِيمَتِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ. قَالَ: وَأَمَّا كُلُّ مَا لَا يَغِيبُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ضَمَانٌ عَلَى مَنْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ، فَرَهَنَهُ، وَلَا عَلَى مَنْ كَانَ في يَدَيْهِ، وَلَا يَتْبَعُ مَنْ أَعَارَهُ الَّذِي اسْتَعَارَهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَتِهِ. .(في رَجُلٍ رَهَنَ عَبْدًا ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ رَهَنْت عَبْدًا فَأَقْرَرْتُ أَنَّهُ لِغَيْرِي، أَيَجُوزُ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ إقْرَارُكَ في هَذَا. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ الْآنَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا جَنَى الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، أَيَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَأَقَرَّهُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ رَهْنًا فَهُوَ بِحَالِهِ إلَى أَجَلِهِ، وَإِنْ أَبَى إلَّا أَخْذَهُ وَعَجَّلَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مُعْسِرًا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ الْمُقِرُّ لَهُ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ ضَمِنَ الرَّاهِنُ قِيمَتَهُ وَاتَّبَعَهُ بِهَا، وَإِنْ شَاءَ وَقَفَ. فَإِنْ أَفَادَ الرَّاهِنُ مَالًا، أَخَذَ عَبْدَهُ وَقَضَى الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ مَالًا حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيُبَاعَ في الدَّيْنِ وَيَقْضِيَ الْمُرْتَهِنُ ثَمَنَهُ. فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ قِيمَتَهُ يَوْمَ نَقَدَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ ثَمَنَهُ الَّذِي قَضَى عَنْ نَفْسِهِ إنْ أَفَادَ يَوْمًا مَالًا. .فيمَنْ رَهَنَ رَجُلًا سِلْعَةً سَنَةً فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ: قَالَ: لَا يُعْرَفُ هَذَا مِنْ رُهُونِ النَّاسِ، وَلَا يَكُونُ هَذَا رَهْنًا. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا وَلَا أَرَاهُ رَهْنًا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ: أَدِّ الْغَلَّةَ إلَيَّ، أَيَكُونُ هَذَا مَأْذُونًا لَهُ في التِّجَارَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ بِهَذَا. .فيمَنْ اسْتَعَارَ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ فَأَعْتَقَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ في الرَّهْنِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا رَهَنَ عَبْدٌ نَفْسَهُ وَلَمْ يَسْتَعِرْهُ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ مُوسِرٌ، كَانَ عِتْقُهُ جَائِزًا. فَأَرَى في مَسْأَلَتِكَ أَنَّ عِتْقَ الْمُعِيرِ جَائِزٌ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَيُقَالُ لِلْمُعِيرِ: قَدْ أَفْسَدْتَ الرَّهْنَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَأَدِّ الدَّيْنَ وَخُذْ عَبْدَكَ، إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهَا كَأَنَّهَا هُوَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ قَدْ حَلَّ رَجَعَ الْمُعِيرُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَمْ يَحِلَّ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ حَتَّى يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ. .في الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ في التِّجَارَةِ يَشْتَرِي أَبَا مَوْلَاهُ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا مَلَّكَ الْعَبْدُ الْعَبْدَ مَنْ لَوْ مَلَكَهُمْ سَيِّدُهُ عَتَقُوا عَلَى سَيِّدِهِ، فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ في مَالِ الْعَبْدِ. قُلْت: فَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ اشْتَرَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَبَا مَوْلَاهُ أَوْ ابْنَهُ، أَوْ هُوَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، أَهُوَ سَوَاءٌ، يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُمْ الْعَبْدُ أَمْ لَا؟ - وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ - قَالَ: أَرَى إنْ بَاعَهُ الْبَائِعُ - وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ - فَذَلِكَ سَوَاءٌ، وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَعْتِقُونَ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُعْلِمَهُ ذَلِكَ وَلَا يُجْبِرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ رَجُلٌ رَجُلًا أَبَا نَفْسِهِ أَوْ ابْنِهِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ السَّيِّدُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ. فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَاشْتَرَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ يَعْلَمُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَوْ أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ مَالًا يَشْتَرِي لَهُ عَبْدًا فَاشْتَرَى أَبَا مَوْلَاهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُتْلِفَ مَالَ سَيِّدِهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ سِلْعَةً يَبِيعُهَا فَبَاعَهَا وَأَخَذَ بِقِيمَتِهَا رَهْنًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيَّ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَتَك بِالدَّيْنِ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْمُرْهُ بِالدَّيْنِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ في الدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِدَيْنٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّيْنِ، فَبَاعَ وَأَخَذَ رَهْنًا أَيَجُوزُ ذَلِكَ الرَّهْنُ عَلَى الْآمِرِ أَمْ لَا؟ قَالَ: الْآمِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ ذَلِكَ وَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ إنْ تَلِفَ، وَإِلَّا رَدَّ الرَّهْنَ إلَى رَبِّهِ وَلَا يَلْزَمُهُ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ. وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ الْآمِرُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَلَا يُقَاصُّ الْمَأْمُورُ الْآمِرَ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي. .(فيمَنْ ارْتَهَنَ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا): قلت: أَرَأَيْتَ لَوْ ارْتَهَنَ رَجُلٌ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: يَرْفَعُهَا إلَى السُّلْطَانِ فيأْمُرُ السُّلْطَانُ بِهَا فَتُهْرَاقُ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يُوصِي إلَى الرَّجُلِ فَتَكُونُ في تَرِكَتِهِ خَمْرٌ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُهْرِيقَهَا الْوَصِيُّ. وَلَا يُهْرِيقُهَا إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُتَعَقَّبَ بِأَمْرِ مَنْ يَأْتِي بِطَلَبِهِ فيهَا، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا مَلَكَ الْمُسْلِمُ خَمْرًا أُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُتْرَكْ أَنْ يُخَلِّلَهَا. قُلْت: فَإِنْ أَصْلَحَهَا فَصَارَتْ خَلًّا؟ قَالَ: قَدْ أَسَاءَ وَيَأْكُلُهُ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. .فيمَنْ رَهَنَ جُلُودَ السِّبَاعِ وَالْمَيْتَةِ: قَالَ: أَمَّا جُلُودُ الْمَيْتَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهَا الرَّجُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ دُبِغَتْ. وَأَمَّا جُلُودُ السِّبَاعِ إذَا كَانَتْ ذَكِيَّةً فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا عِنْدَ مَالِكٍ، فَأَرَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَهْنِهَا. قُلْت: إذَا كَانَتْ جُلُودُ السِّبَاعِ ذَكِيَّةً؛ جَازَ الْبَيْعُ فيهَا وَالرَّهْنُ دُبِغَتْ أَوْ لَمْ تُدْبَغْ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ في الصَّلَاةِ بِهَا، وَالْبَيْعُ وَالرَّهْنُ عِنْدِي مِثْلُ ذَلِكَ. قُلْت: لِمَ لَا تُجِيزُ جُلُودَ الْمَيْتَةِ في الرَّهْنِ وَإِنْ كُنْتَ لَا تُجِيزُ بَيْعَهَا، بِمَنْزِلَةِ مَا أَجَزْتَ في الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَالثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا في الرَّهْنِ في قَوْلِ مَالِكٍ، وَمَالِكٌ لَا يُجِيزُ هَذَا في الْبَيْعِ؟ وَمَا فَرْقٌ بَيْنَ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَهَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّ الثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ قَدْ يَحِلُّ بَيْعُهُمَا يَوْمًا مَا إذَا أَزْهَتْ، وَجُلُودُ الْمَيْتَةِ لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا. .(في الْمُقَارَضِ يَشْتَرِي بِجَمِيعِ مَالِ الْقِرَاضِ عَبْدًا ثُمَّ يَشْتَرِي آخَرَ فيرْهَنُ الْأَوَّلَ): قُلْت: أَرَأَيْت الْمُقَارَضَ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمُقَارَضَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: فَإِنْ اشْتَرَى بِجَمِيعِ مَالِ الْمُقَارَضَةِ عَبْدًا، ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَرَهْنَ الْعَبْدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْمُقَارَضَةِ مَكَانَ هَذَا الْعَبْدِ، أَيَجُوزُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ تَرَى أَنَّهُ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ قَدْ نَقَدَهُ في الْعَبْدِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: اشْتَرِ عَلَى الْمُقَارَضَةِ بِالدَّيْنِ، أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَالَ مَالِكٌ: هَذِهِ مُقَارَضَةٌ لَا تَحِلُّ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَنْبَغِي لَهُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ هَذَا جَازَ أَنْ يُقَارِضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِغَيْرِ مَالٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ مَا اشْتَرَيْتَ بِهِ مِنْ دَيْنٍ فَهُوَ عَلَى الْقِرَاضِ، فَهُوَ كَرَجُلٍ قَارَضَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَعَرْت رَجُلًا سِلْعَةً لِيَرْهَنَهَا، وَأَمَرْته أَنْ يَرْهَنَهَا بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، فَرَهَنَهَا بِطَعَامٍ وَلَمْ يَرْهَنْهَا بِدَرَاهِمَ، أَتَرَاهُ مُخَالِفًا؟ وَتَرَاهُ ضَامِنًا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ ارْتَهَنْت أَمَةً فَوَطِئْتُهَا فَوَلَدَتْ مِنِّي، أَيُقَامُ عَلَيَّ الْحَدُّ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَيَكُونُ الْوَلَدُ رَهْنًا مَعَهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ السَّيِّدَ، هَلْ يَكُونُ لَهُ عَلَى الْمُرْتَهِن مَهْرُ مِثْلِهَا في قَوْلِ مَالِكٍ، مَعَ الْحَدِّ الَّذِي عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ الْجَارِيَةُ أَوْ أَكْرَهَهَا؟ قَالَ: إنَّمَا عَلَى الرَّجُلِ في قَوْلٍ إذَا أَكْرَهَ جَارِيَةَ رَجُلٍ فَوَطِئَهَا مَا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا. قُلْت: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي وَطِئَ الْجَارِيَةَ فَوَلَدَتْ وَهِيَ رَهْنٌ عِنْدَهُ، إنْ اشْتَرَاهَا أَوْ اشْتَرَى وَلَدَهَا أَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَدُهَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ. .فيمَا وُهِبَ لِلْأَمَةِ وَهِيَ رَهْنٌ: قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ رَهْنًا مَعَهَا في قَوْلِ مَالِكٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا بِمَنْزِلَةِ مَالِهَا إلَّا أَنْ يَنْتَزِعَهُ السَّيِّدُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ ارْتَهَنَهَا وَلَهَا مَالٌ، أَيَكُونُ مَالُهَا رَهْنًا مَعَهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ مَالُهَا رَهْنًا مَعَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُرْتَهِنُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَطَ مَالَهَا رَهْنًا مَعَهَا وَالْمَالُ مَجْهُولٌ، أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ مَالِكًا أَجَازَهُ في الْبَيْعِ. .فيمَنْ ارْتَهَنَ زَرْعًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ نَخْلًا بِبِئْرِهِمَا فَانْهَارَتْ الْبِئْرُ: فَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُنْفِقَ وَيُصْلِحَ رَهْنَهُ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الرَّاهِنِ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ؟ وَلَكِنْ يَكُونُ مَا أَنْفَقَ في الزَّرْعِ وَفي رِقَابِ النَّخْلِ، إنْ كَانَ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يَهْلِكَ وَيَسْتَوْفي مَا أَنْفَقَ وَيَسْتَوْفي دَيْنَهُ، وَيَبْدَأُ بِمَانِّ أَنْفَقَ قَبْلَ دَيْنِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ دَيْنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الرَّجُلِ يَسْتَكْرِي الْأَرْضَ يَزْرَعُ فيهَا فَتَتَهَوَّرُ بِئْرُهَا أَوْ تَنْقَطِعُ عَيْنُهَا أَوْ يُسَاقِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَتَتَهَوَّرُ الْبِئْرُ أَوْ تَنْقَطِعُ الْعَيْنُ. قَالَ: إنْ أَحَبَّ الْمُسَاقِي أَوْ الْمُسْتَكْرِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْعَيْنِ، أَوْ الْبِئْرِ حَتَّى تَتِمَّ الثَّمَرَةُ فيبِيعَهَا وَيَسْتَوْفي مَا أَنْفَقَ مِنْ حِصَّةِ صَاحِبِ النَّخْلِ في الْمُسَاقَاةِ، وَيُقَاصُّ الْمُسْتَكْرِي مِنْ كِرَاءِ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي تَكَارَاهَا بِمَا أَنْفَقَ، وَإِنْ تَكَارَاهَا سِنِينَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ الْإِكْرَاءَ سَنَةً وَاحِدَةً يُقَاصُّهُ بِكِرَاءِ سَنَةٍ، فَإِنْ فَضُلَ مِمَّا أَنْفَقَ لَمْ يَبْلُغْهُ كِرَاءُ السَّنَةِ، أَوْ حِصَّةُ صَاحِبِهِ في الْمُسَاقَاةِ؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَأَرَى في مَسْأَلَتِكَ إذَا خَافَ هَلَاكَ الزَّرْعِ أَوْ النَّخْلِ فَأَنْفَقَ، رَأَيْتُ ذَلِكَ لَهُ وَيَبْدَأُ بِمَا أَنْفَقَ. فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ كَانَ في الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ الَّذِي يَرْهَنُهُ الرَّجُلُ، فيخَافُ الْهَلَاكَ فيعْرِضُ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُنْفِقَ فيهِ فيأْبَى، فيأْخُذَ مَالًا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فينْفِقُهُ فيهِ، فيكُونُ الْآخَرُ أَحَقَّ بِهَذَا الزَّرْعِ حَتَّى يَسْتَوْفي حَقَّهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يُخْرِجْ الزَّرْعُ إلَّا تَمَامَ دَيْنِ الْآخَرِ أَيْنَ يَكُونُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ: يَرْجِعُ الْأَوَّلُ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الثَّمَرَةَ، أَتَكُونُ رَهْنًا مَعَ النَّخْلِ إذَا كَانَتْ في النَّخْلِ يَوْمَ يَرْتَهِنُهَا، أَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَ مَا ارْتَهَنَهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا تَكُونُ رَهْنًا وَإِنْ كَانَتْ في النَّخْلِ يَوْمَ ارْتَهَنَهَا، أَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَ مَا ارْتَهَنَهَا - بَلَحًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ بَلَحٍ - وَلَا مَا يَأْتِي بَعْدُ مِنْ الثَّمَرَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُرْتَهِنُ. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا رَهَنَ أَرْضًا فيهَا نَخْلٌ وَلَمْ يُسَمِّ النَّخْلَ في الرَّهْنِ، أَيَكُونُ النَّخْلُ مَعَ الْأَرْضِ في الرَّهْنِ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: في رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَصْلِ نَخْلٍ، فَقَالَ الْوَرَثَةُ: إنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِالنَّخْلِ، وَالْأَرْضُ لَنَا؟ قَالَ مَالِكٌ: الْأَصْلُ مِنْ الْأَرْضِ وَالْأَرْضُ مِنْ الْأَصْلِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ في الرَّهْنِ إذَا رَهَنَهُ الْأَصْلَ، فَالْأَرْضُ مَعَ الْأَصْلِ، فَإِذَا رَهَنَهُ الْأَرْضَ فَالنَّخْلُ مَعَ الْأَرْضِ. قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى نَخْلَ رَجُلٍ أَنَّ الْأَرْضَ مَعَ النَّخْلِ. .فيمَنْ ارْتَهَنَ أَرْضًا فَأَذِنَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزْرَعَهَا أَوْ يُؤَجِّرَهَا: قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ حَقًّا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ أَرْضًا ارْتَهَنْتهَا فَأَذِنْتُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزْرَعَهَا فَزَرْعَهَا، أَتَكُونُ خَارِجَةً مِنْ الرَّهْنِ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ زَرَعَهَا رَبُّهَا وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ يَدَيَّ؟ قَالَ: إذَا زَرَعَهَا رَبُّهَا فَلَيْسَتْ في يَدَيْكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ يَرْتَهِنُهَا ثُمَّ يَسْكُنُهَا رَبُّهَا، أَوْ الْعَبْدُ يَرْهَنُهُ ثُمَّ يَخْدُمُ الْعَبْدُ رَبَّهُ، فَهَذَا كُلُّهُ خُرُوجٌ مِنْ الرَّهْنِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَاهَا الرَّاهِنُ بِأَمْرِ الْمُرْتَهِنِ؟ قَالَ: هَذَا خُرُوجٌ مِنْ الرَّهْنِ، وَهَذَا إسْلَامٌ مِنْ الْمُرْتَهِنِ إلَى الرَّاهِنِ. .في الرَّجُلَيْنِ يَرْتَهِنَانِ الثَّوْبَ بِيَدِ مَنْ يَكُونُ مِنْهُمَا: قَالَ: إنْ رَضِيتُمَا وَرَضِيَ الرَّاهِنُ مَعَكُمَا أَنْ يَكُونَ عَلَى يَدَيْ أَحَدِكُمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَاَلَّذِي لَيْسَ في يَدَيْهِ شَيْءٌ تَكُونُ حِصَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ في الضَّيَاعِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَحِصَّةُ الَّذِي الثَّوْبُ عَلَى يَدَيْهِ في الضَّيَاعِ مِنْهُ، وَهَذَا رَأْيِي. قُلْت: فَإِنْ ارْتَهَنَا الثَّوْبَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ الرَّاهِنُ عَلَى يَدَيْ أَحَدِهِمَا، كَيْفَ يَصْنَعَانِ بِهِ هَذَانِ وَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ؟ قَالَ: يَجْعَلَانِهِ حَيْثُ شَاءَ وَهُمَا ضَامِنَانِ لَهُ. .(في الرَّجُلَيْنِ يَكُونُ لَهُمَا دَيْنٌ مُفْتَرِقٌ دَيْنُ أَحَدِهِمَا مِنْ سَلَمٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ مُفْتَرِقٌ، دَيْنُ أَحَدِهِمَا مَنْ سَلَمٍ، وَدَيْنُ الْآخَرِ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ دَيْنُ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ، وَدَيْنُ الْآخَرِ شَعِيرٌ، فَأَخَذَا بِذَلِكَ رَهْنًا وَاحِدًا، أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَقْرَضَهُ قَرْضًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الْآخَرُ بَيْعًا وَيَأْخُذَ بِذَلِكَ جَمِيعًا رَهْنًا، فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً. وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّيْنُ قَدْ وَجَبَ مِنْ بَيْعٍ وَمِنْ قَرْضٍ، وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ، فَلَا بَأْسَ بِمَا ذَكَرْتُ. وَإِنْ كَانَا أَقْرَضَاهُ جَمِيعًا مَعًا وَاشْتَرَطَا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُمَا، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَضَى أَحَدُهُمَا دَيْنَهُ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مَنْ الرَّهْنِ أَمْ لَا؟ في قَوْلِ مَالِكٍ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: في الرَّجُلَيْنِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا الدَّارُ فيرْهَنَاهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فيأْتِي أَحَدُهُمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُرِيدُ أَنْ يَفْتَكَّ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ، فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذَا، إلَّا أَنَّ في مَسْأَلَتِكَ إنْ كَانَ كِتَابُهُمَا في ذِكْرِ حَقٍّ وَاحِدٍ، وَكَانَ دَيْنُهُمَا وَاحِدًا، فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْتَضِيَ حِصَّتَهُ دُونَ صَاحِبِهِ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُمَا مُفْتَرِقًا شَيْئَيْنِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا دَنَانِيرُ وَلِلْآخَرِ قَمْحٌ؛ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْتَضِيَ حَقَّهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ صَاحِبُهُ، فيمَا اقْتَضَاهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبَا عَلَيْهِ ذِكْرَ حَقٍّ بِأَمْرَيْنِ مُخْتَلِفينِ؛ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْتَضِيَ حَقَّهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْتَضِيَ حَقَّهُ دُونَ صَاحِبِهِ أَنْ يَكْتُبَا كِتَابًا بَيْنَهُمَا جَمِيعًا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، يَكُونُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بَيْنَهُمَا، أَوْ يَكُونُ الرَّهْنُ لَهُمَا مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبَا بِذَلِكَ كِتَابًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْتَضِيَ دُونَ صَاحِبِهِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ دَنَانِيرَ كُلَّهَا أَوْ قَمْحًا كُلَّهَا أَوْ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ نَوْعًا وَاحِدًا كُلَّهُ؛ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْتَضِيَ دُونَ صَاحِبِهِ.
|